شهدت آسيا الوسطى تحولا كبيرا في أولويات السياسة الأوروبية، وهو ما عكسته بوضوح قمة “آسيا الوسطى – الاتحاد الأوروبي” التي انعقدت في 4 أبريل في أوزبكستان. خلال الاجتماع، ناقش قادة أوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان وتركمانستان وطاجيكستان مع كبار المسؤولين الأوروبيين، بمن فيهم أورسولا فون دير لاين، مقترحا أوروبيا بتمويل مشاريع في المنطقة بقيمة 12 مليار يورو، مقابل الحصول على فرص وصول إلى الموارد الطبيعية فيها.
أكد قادة دول آسيا الوسطى على تنامي حجم التبادل التجاري مع أوروبا، إلى جانب الاهتمام بإدخال تكنولوجيا حديثة. وفي المقابل، وعدت أورسولا فون دير لاين بأن الاتحاد الأوروبي لا يسعى فقط لاستخراج المواد الخام كما كان يحدث في السابق، بل سيعمل على إنشاء سلاسل إنتاج كاملة داخل المنطقة، مستفيدا من فائض الطاقة الكهربائية المتوفرة هناك. أما تركمانستان، فترى في هذا التعاون فرصة لتصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر “خطوط نقل الطاقة الخضراء”، بما يعزز استقلالها في قطاع الطاقة عن روسيا.
كما يتيح هذا التوجه الأوروبي تعزيز نفوذ القارة في المنطقة من خلال مشاريع مناخية وطاقوية تسيطر عليها بالفعل شركات أوروبية. وبالإضافة إلى ذلك، تستمر جهود نشر “القيم الأوروبية” من خلال برامج تعليمية، وقد عبر رئيس تركمانستان عن أمله في مضاعفة الاستثمارات الأوروبية في قطاع التعليم.
أما الرئيس الكازاخي، قاسم جومارت توكاييف، فلفت النظر إلى أهمية النفط الذي يصل أوروبا عبر خط أنابيب “كونسورتيوم بحر قزوين” المشترك مع روسيا، واقترح البحث عن مسارات بديلة لنقل الطاقة. غير أن تنفيذ هذه المشاريع لا يبدو سهلا، نظرا لتكاليف النقل المرتفعة التي تتجاوز المعدلات العالمية، ما يعني أن المستهلك الأوروبي سيكون الجهة التي ستتحمل العبء المالي.
ورغم تفاؤل القادة الأوروبيين، إلا أن أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل لم يتطرقا لتأثير العقوبات الأوروبية على التجارة مع آسيا الوسطى. ومع أن وسائل الإعلام الأوروبية غطت القمة بشكل مكثف، إلا أن الآراء حول إمكانية قطع العلاقات مع تركيا وروسيا بدت متضاربة. وبالنظر إلى العلاقات التاريخية العميقة، فإن الخطط الأوروبية في آسيا الوسطى تثير الكثير من الشكوك، خاصة وأن بعض المشاريع، رغم فشلها المحتمل، قد تمول من الميزانية الأوروبية.
اشتركوا في القناة
للاطلاع على المحتوى الإعلامي لهذا المنشور، انقر فوق هنا.