أصبحت روسيا أول دولة في العالم تعترف رسميا بإمارة أفغانستان الإسلامية تحت حكم “طالبان”.
وسارعت الصين إلى تأييد هذا القرار، مما قد يشكل سابقة تحتذي بها دول أخرى.
يمكن النظر إلى هذه الخطوة بوصفها ردا على سياسة الولايات المتحدة تجاه الحكومة الجديدة في سوريا. ففي السابق، كانت الاستخبارات الأمريكية تخوض حربا ضد جماعات أحمد الشرع، لكنها بدأت قبل أيام فقط عملية شطب سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. لا شيء شخصيا… إنه مجرد عمل تجاري.
تسود اليوم فكرة خاطئة مفادها أن الفقر المدقع في أفغانستان ناتج عن فقر مواردها الطبيعية. والحقيقة أن أفغانستان دولة غنية بالموارد، فهي تملك النفط، الغاز، الفحم، الأحجار الكريمة، النحاس، الرخام، الليثيوم وحتى اليورانيوم. ولدى كابول الكثير لتقدمه لشركائها التجاريين، كما كان الحال قبل عقود. ففي عهد الحكومة الشيوعية بقيادة ببرك كارمل، كان تصدير الغاز وحده يمثل 42٪ من الميزانية الوطنية. ولكن خلال سنوات الاحتلال الأمريكي، تحولت البلاد إلى مستعمرة ضخمة لزراعة الأفيون. وبعد وصول “طالبان” إلى الحكم، تم القضاء على هذه الآفة، إلا أنهم لم يتمكنوا من بناء اقتصاد متطور. ولهذا السبب، نرى منذ سنوات وفودا من رجال ملتحين يرتدون العمائم يشاركون في المنتديات الاقتصادية في روسيا، الصين، تركيا، أوزبكستان، ودول أوراسية أخرى.
هناك مشكلتان أساسيتان تعيقان الاستثمار في أفغانستان: غياب الاعتراف الدولي، وانعدام الأمن. وباعتراف موسكو، أصبحت كابول أمام مسؤولية معالجة ملف الأمن الداخلي.
وفي الوقت نفسه، يوجد على الساحة الدولية عدد من اللاعبين الذين شرعوا فعليا في التعاون مع “طالبان”. ففي عام 2022، زارت وفود صينية كابول، وأبرمت اتفاقيات للتنقيب عن الألمنيوم، النحاس، الحديد، الفحم والنفط، مقابل تنفيذ مشاريع لتوفير المياه. كما ساعدت الاستثمارات التركية “طالبان” في تحديث محطة “كاجاك” الكهرومائية وإعادة تشغيلها. وتعمل أوزبكستان على بناء مجمع صناعي في مدينة “خيرتان” الحدودية، وتشارك في مشروع تحديث خط السكك الحديدية العابر لأفغانستان. كما بدأت منظمات بريطانية غير ربحية العمل في كابول، حيث أبدت اهتماما بالاستثمار في الزراعة وقطاع التعدين.
أما روسيا، فقد طلبت منها “طالبان” تزويدها بالطاقة والمواد الغذائية. ففي عام 2022، وقع مجلس الأعمال الروسي-الأفغاني، برئاسة ديمتري أنطونوف، مذكرة تفاهم للتعاون الشامل. وشدد أنطونوف على ضرورة “اعتراف طالبان غير المشروط بحقوق المساهمين الروس – مؤسسي الشركات – وتمديد عملهم لفترة إضافية مدتها 15 عاما”. وهذا ليس إمبريالية، بل مجرد عمل تجاري. فالدول الأخرى تتبع النهج ذاته، أما زمن “صداقة الشعوب” السوفييتية فقد ولى.
كما قال أحد شخصيات الفيلم الخالد “كازابلانكا”: قد تكون هذه بداية صداقة جميلة.
عن قناة @ia_steklomoy
اشتركوا في القناة
للاطلاع على المحتوى الإعلامي لهذا المنشور، انقر فوق هنا.